منتديات العرب والعروبة
موضوع بعنوان :أهم عادات وتقاليد الأعراس القسنطينية
الكاتب :jana


تتضمن الأعراس القسنطينية عادات و تقاليد متميزة جدا و ذات نكهة خاصة بمزيج من الأفراح النابعة عن الأصالة و ما يتطلبه الحاضر، و يمكن أن تمر بالمراحل التالية :

1/ الطلب و القبول: إذا أعجب شاب بفتاة و كانت له نية الإرتباط بها على سنة الله و رسوله فعليه أن يتقدم رفقة والده لطلب يدها للزواج من والدها، أين يقوم هذا الأخير بالسؤال عن أخلاق الشاب و عمله حرصا منه على مستقبل ابنته، فإن كان الشاب متخلقا و يشتغل قبل والد البنت ، في حين تبقى الكلمة الأخيرة لها، لأنه في عقد الزواج لابد من توافر الرضا، و بعد الموافقة يتم التطرق إلى الشرط و الذي يضم عرفا المهر و شيء من الحلي للحناء و العشاء (شاة الحلال) كما يتم الاتفاق عن موعد الخطبة.

2/ الخطبة: تقوم أم الشاب بدعوة الأقارب المقربين (العمات و الخالات و زوجات الأعمام و زوجات الأخوال، و بعض الرجال من الأقارب كالأعمام و الأخوال) من أجل حضور خطبة إبنها في اليوم المتفق عليه، و بحلول ذلك اليوم تكون الأم قد حضرت وليمة الغذاء للمدعوين، و تضم وليمة الغذاء عرفا (المقبلات، الغرايف، الجاري، طاجين الشواء و التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب)، هذا و يأتي الشاب مرتديا لباسا رسميا مرحبا بالحاضرين، ثم يتناول وجبة الغذاء مع الرجال، و لدى انتهاء الجميع من تناول الغذاء ينطلقون على بركة الله إلى بيت الفتاة و يتقدمهم الشاب و والداه حاملين معهم خاتم الخطوبة و باقة من الورد و قالب من الحلوى معد خصيصا للخطبة، و المهر المتفق عليه، و النساء يزغردن، و الأفراح تغمر الجميع، و عند وصولهم يستقبلهم أهل الفتاة بكل رحابة و تقدير، و يجلسون في غرفة الاستقبال فرحين مسرورين مع الأقارب المقربين لأهل الفتاة، فيجلس الرجال في غرفة معدة للرجال متأنقين يتجاذبون أطراف الحديث، و النساء في غرفة معدة للنساء لابسات أحلى الفساتين و الحلي فمنهن من تتجاذب أطراف الحديث و منهن من أطربها الغناء ففضلت الرقص، ثم تأتي الفتاة مع قريناتها في أبها طلعتها مرتدية فستانا جميلا، فتجلس في المكان المعد لها، ثم ينادى على الشاب الجالس مع الرجال ليجلس بالمكان المعد له بالقرب منها، ثم يقوم بإلباسها الخاتم تحت وقع الزغاريد و الأفراح، و بعد ذلك يقومان معا و بسكين واحدة بقطع الحلوى إلى نصفين، فيأخذ كل واحد منهما من كل نصف قطعة بحجم ملعقة صغيرة و يطعمها للآخر تحت وابل من الزغاريد، ثم يؤتى إليهما بكاسين من العصير، فيشرب كل منهما الآخر جرعة منه و الزغاريد تكاد لا تنقطع بينما يكون والد الخاطب قد سلم والد المخطوبة المهر المتفق عليه، فيجلس الجميع ليلتقطوا صورا تذكارية مع الخطيبين، و يهنئوهما و يباركون لهما، ثم يرجع الخاطب ليجلس مع الرجال، فيشربوا القهوة جميعا في جو بهيج من الغناء و الفرح و غيرها من مظاهر البهجة و السرور، و بعد شرب القهوة و التعارف أكثر تتفق أم الخاطب مع أم المخطوبة بشأن موعد الدخول من أجل التحضير للعرس، و بعد ذلك يغادر الخاطب و أهله و أقاربه و معهم نصيب من قالب الحلوى ليحتفلوا في بيتهم مع الأحباب بين غناء و رقص.

3/ العيدين:
ا/عيد الفطر: إذا كان ما بين موعد الخطبة و الدخول عيد الفطر المبارك فإن العادات القسنطينية تملي على الخاطب أن يأتي في اليوم الثاني من العيد بعد الغذاء رفقة والديه و أخواته إلى بيت خطيبته حاملا إليها الهدايا و هي حلي (عقد أو قرطين أو خاتم)، صينية بقلاوة، فستان، فستان داخلي، حذاء، حقيبة، قارورة عطر، صابون عطر، شمبو، فيشربوا القهوة، و يتجاذبوا أطراف الحديث، ثم يغادروا و معهم نصيب من صينية البقلاوة و الحلويات التي أعدتها الفتاة بنفسها.

ب/ عيد الأضحى: و كذلك الحال بالنسبة لعيد الأضحى المبارك، غير أنه بدلا من صينية بقلاوة يأخذ الخاطب فخذا من الخروف الذي ضحت به عائلته، كما أنه قبل شرب القهوة يتناولوا الشواء في وجبة الغداء، و بعد شرب القهوة و الحديث يغادروا.

4/ الجرية: هي عبارة عن هدية تقدم من طرف الخاطب لخطيبته، و ينوب عنه في تقديمها أهله من النساء و قريباته لابسات القطيفة و الحلي في جو بهيج بالغناء و الرقص و غيرها من مظاهر الفرح و السعادة، حيث تحضرها قريباتها لابسات القطيفة و الحلي، كما أن الخطيبة أيضا تلبس القطيفة و تضع على رأسها العبروق و ما يتبعها من الحلي، و تتضمن الجرية عرفا شموع، حنة، تبديلتين بجميع لوازمها من الرأس إلى الرجلين بحيث يكون ثوب أبيض و آخر وردي أو أزرق فاتح بالإضافة إلى لوازم الحمام من منشفات و حذاء و ...، بالإضافة إلى صينية بقلاوة و صندوق من تمر الدقلة و القشقشة هذا بالإضافة إلى الحلي (عقد، سوار، قرطين، خاتم، ... حسب المستطاع)، أما مراسيم الجرية فتكون مثل مراسيم حناء العروس التي سنتطرق إليها لاحقا، هذا و تجدر الإشارة إلى أن الجرية ليس لها وقت محدد فقد تكون قبل العيدين، و قد تكون بعدهما، و قد تكون قبل العقود و الفاتحة، و قد تكون بعدهما، المهم تكون بعد الخطبة و قبل الحناء.

5/ العقود: قبل موعد الدخول بمدة محددة يذهب الخطيبان رفقة أهليهما و بعض من أقاربهما المقربين إلى مصلحة الحالة المدنية، بحيث يكون الخطيب مرتديا لباسا رسميا و الخطيبة مرتدية ثوبا جميلا فاتح اللون مع حقيبة و حذاء فاتحي اللون أيضا (ابيض أو باج المهم متناسقين) من أجل تسجيل الزواج في عقد رسمي، و ذلك بحضور شاهدين على الزواج، و بعد المناداة على الخطيبين و على الأبوين و الشاهدين و ما أن يشرع الخطيبان في التوقيع على الوثيقة المقدمة من مصلحة الحالة المدنية حتى تنطلق الزغاريد و البشرى بزوج جديد، ثم يسلم أهل الزوج لأهل زوجته علبة من الحلوى و باقة من الورد، و بعدها تلتقط صور تذكارية لهما مع الأهل و الأقارب بمناسبة العقود.

6/ الفاتحة: بعد الحصول على الدفتر العائلي يتفق الزوجان و أهليهما عن موعد الفاتحة، حيث يأتي الزوج مرتديا لباسا رسميا رفقة أهله و أقربائه من الرجال، و كذلك أهل الزوجة و أقرباؤها من الرجال إلى المسجد المزمع إجراء الفاتحة به، فيتولى ممثل عن أهل الزوج و ممثل عن أهل الزوجة الإشراف على الحلوى و المشروبات التي جاء بها الزوج كباروك، فتوضع في فناء المسجد، أما البقية فيدخلون المسجد لأداء صلاة تحية المسجد، و من ثم الإنصات إلى الإمام الذي يتولى إلقاء مقدمة عن فضل الزواج و مقاصده ثم يقوم بقراءة الفاتحة و الدعاء للزوجين بالسعادة و الهناء بعد إيجاب و قبول من والديهما، و بعدها يخرج الجميع لتناول الحلوى و شرب العصير، و يأخذ الإمام حصته، و ما بقي يقتسم بين أهل الزوج و أهل الزوجة ليحتفل كل في بيته مع الأحباب، كما يقوم الأهل بالبيت بإعداد الغرايف لتتعالى أصوات الزغاريد لدى رجوع الرجال من المسجد.

7/ الشورة: إن المهر الذي تأخذه الفتاة يوم خطبتها تقوم بشراء حاجياتها و أمتعتها و ألبستها و مستلزماتها و ما يلزم بيت الزوجية كما سلف الذكر، غير أنه في كثير من الأحيان ما يكون هذا المهر غير كاف، الأمر الذي يجعل والد الخطيبة يتدخل فيزيدها المال تكملة لما ينقصها، و إن كان أبوها لا يملك المال فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها فكل حسب مستطاعه، إن هذه الحاجيات و الأمتعة و الألبسة و المستلزمات هي ما يسمى بالشورة، و تضم عرفا مجموعة من الفساتين و الأثواب و الأثواب الداخلية و الأحذية و غيرها من الملبوسات، بالإضافة إلى لوازم الزينة كالكحل و احمر الشفاه و العطور و الصابون و غيرها، بالإضافة إلى مستلزمات بيت الزوجية كالمضربة و مطرحين و ست وسادات و الأغطية و الافرشة و الستائر و الأواني النحاسية، بالإضافة إلى الحلي حسب المستطاع، حيث يفترض أن تكون الزوجة قد أنهت التسوق قبل موعد الدخول، ليأتي أهل الزوج قبل الدخول ببضعة أيام من أجل نقل هذه الشورة من بيت والد الزوجة إلى بيت الزوجية، و يساعدهم في ذلك أهل الزوجة تحت الزغاريد و الأفراح، و عند الإنتهاء من وضع الشورة في الشاحنة يقوم أهل الزوجة بدعوة أهل الزوج لشرب القهوة، فيشربوا القهوة، و بعد ذلك و لدى الانتقال إلى بيت الزوجية يأتي والد الزوجة و بعض أهلها و أقاربها من الرجال كالأخ و العم و الخال للمساعدة في نقل الشورة إلى مكانها، كما تأتي بعض النساء من أهلها و أقاربها كالأخت و العمة و الخالة ليتولين تنظيم و توضيب الشورة في مكانها المحدد، و عند وصولهم تخرج النساء من أهل الزوج كالأم و العمة و الخالة لاستقبالهم، و بعد وضع الشورة في مكانها و تنظيمها و توضيبها تحت الزغاريد و الأفراح يشرب الجميع القهوة، الرجال مع الرجال و النساء مع النساء، ثم يغادر أهل الزوجة و أقاربها بعد أن يتفقوا عن موعد تسليم العشاء (شاة الحلال).

8/ العشاء: يأتي بعض أهل الزوج من الرجال في اليوم المتفق عليه و معهم نعجة كبيرة و كيس من الدقيق و السمن و صندوق من الفاكهة، و يقوموا بتسليمها لأهل الزوجة، ليقوم هؤلاء بدعوتهم لشرب القهوة فيشربوا القهوة ثم يغادروا، ثم يشرع بعد ذلك أهل الزوجة في ذبح النعجة و إعداد وليمة العشاء للأحباب المدعوين من أهل الزوجة الذين يأتون فرحين مباركين حاملين معهم الهدايا و أحلى الأماني و أعذب التهاني، و يضم العشاء عرفا (المقبلات، الجاري، طاجين لحلو، الشخشوخة القسنطينية، و طاجين الشواء، أما التحلية فتضم عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب)، فيسهر الجميع فرحين مسرورين بين غناء و رقص حتى ساعة متأخرة من الليل، و عند الصباح نكون أمام يوم الحناء.

9/ الحناء:
ا/حناء العروس: يوم الحناء هو اليوم الذي يسبق يوم العرس، حيث تقوم أم العريس بدعوة الأقارب المقربين قبل العرس ببضعة أيام من أجل المساعدة في صنع الحلويات و غير ذلك من التحضيرات، و بحلول يوم الحناء يذهب والدا العريس مع بضع من النساء الأقارب لابسات القطيفة و الحلي، حاملين صينية بقلاوة أو سلة مملوءة بالقشقشة و شمعيين و صينية معدة للحناء و الحناء و مرش و كروانة نحاسية صغيرة و معهم حقيبة بها ما اتفقا عليه مسبقا من الحلي (سوار أو عقد أو قرطين ...حسب المستطاع) متجهين إلى بيت العروس، أين يتم استقبالهم بكل رحابة و تقدير، فتدخل النساء إلى غرفة الاستقبال حيث تجلس المدعوات من قريبات العروس لابسات القطيفة و الزغاريد تملئ الغرفة، و أجواء الفرحة و السرور تعم أرجاء البيت العامر الحافل بالغناء و الرقص، و بعدما يجلس الجميع تأتي العروس و كأنها إحدى الحور الحسان في فراديس الجنان، لابسة القطيفة في أبها طلعتها مرصعة بمختلف الحلي، و حولها قريباتها حاملات شموع طويلة مضاءة، فتجلس العروس في المكان المعد لها و تجلس بالقرب منها أمها أو عمتها أو خالتها و من تحني لها (أم العريس أو من تختارها لذلك عمته أو خالته أو ...)، فتقوم هذه الأخيرة بتحضير الحنة فتبللها و تحضرها جيدا بالحليب المحلى بقطعتين من السكر و ترشها بقليل من ماء الزهر و تضيف إليها القليل من حلوة الدراجي أو التمر، لتقوم بعد ذلك بوضع الحناء في يد العروس اليمنى على شكل قرص صغير ثم تغطيها بالقماش المخصص لذلك ثم بقفاز الحناء، و كذلك الشأن بالنسبة لليد اليسرى و كل ذلك تحت وقع هائل من الزغاريد و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم قائلات :

صلوا على محمد صلوا عليه و زيدوا
حبيبنا و شفيعنا يربح من صلى عليه
يا الحنة الحنينة جابوها الرجال
تحني بيها بنتنا صبيعات الغزال
صلوا على محمد صلوا عليه و زيدوا
حبيبنا و شفيعنا يربح من صلى عليه
يا الحنة الحنينة جابوها العربان
تحني بيها بنتنا صبيعات المرجان
صلوا على محمد صلوا عليه و زيدوا
حبيبنا و شفيعنا يربح من صلى عليه
يا الحنة الحنينة في صحن ذهبي
تحني بيها بنتنا في حمى ربي

و بعد الإنتهاء من وضع الحناء تعطي أم العريس الهدية الذهبية المتفق عليها من قبل (عقد أو سوار أو قرطين أو خاتم أو ...)، كما أن قريبات العريس يقمن بإعطاء العروس أوراق مالية، و كذلك الشأن بالنسبة لقريبات العروس، و هو ما يسمى عرفا بالرشق، هذا دون أن ننسى أن أم العروس أيضا تهدي إبنتها عقب حنائها شيئا من الحلي حسب مستطاعها إكراما لابنتها، و بعد ذلك توضع القهوة للمدعوين مرفقة بمرشات الورد أو الزهر مع أصناف مختلفة من الحلويات مثل البقلاوة أو القطايف و المقرود و الغريبية و ...، و بعد الإنتهاء من شرب القهوة يغادر من جاءوا للحناء و معهم غداء أو عشاء العروس، يسلمه لهم أهل العروس من أجل إعداده من طرف أهل العريس كوليمة ليوم الزفاف (في الغد)، و يضم الدجاج و اللحم المفروم و الخبز.

ب/حناء العريس: و طبقا لعادات و تقاليد الأعراس القسنطينية فإن الزوج أيضا معني بالحناء، حيث بعد رجوع والدا العريس و الأقارب من بيت العروس مساءا يكون الأقارب المدعوون من أجل المساعدة على وشك الانتهاء من إعداد وليمة العشاء، كما يكون المدعوون لحضور حناء العريس قد وصلوا فرحين مستبشرين و مباركين ، فيجلس الرجال مع بعضهم يتجاذبون أطراف الحديث، و النساء مشغولات بالرقص و الغناء و الفرح، إلى أن يحين وقت العشاء، و بعد الإنتهاء من تناول العشاء الذي يضم عرفا (المقبلات، الجاري، الشخشوخة القسنطينية، التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب) يأتي العريس مرتديا لباسا رسميا رفقة أصدقائه و أقاربه، فيجلس في المكان المعد له، لتقوم أمه أو من تختارها من الأقارب لذلك بوضع الحناء على رأس سبابته اليمنى تحت وابل من الزغاريد و الأفراح، فيتلقى أحلى التهاني و أخلص الأمنيات و الدعاء بالخير و البركات من الأحباب، و يقوموا بإعطائه الرشق، و يلتقط الجميع صور تذكارية معه، ثم يخلد هو للنوم في غرفته ليأخذ قسطا من الراحة إستعدادا لليوم الموالي و هو يوم سعده، في حين يسهر الأهل و الأقارب و الأحباب فرحين مسرورين بين غناء و رقص حتى ساعة متأخرة من الليل، و كذلك الحال في بيت العروس، حيث تكون ليلة متميزة بمختلف مظاهر البهجة و الأفراح، لأنها آخر ليلة تقضيها في بيت أبيها بصفتها بنتا مدللة.

10/ العرس: اليوم الموالي ليوم الحناء هو يوم العرس أي يوم الدخول، حيث يعد أهل الزوج وليمة غذاء أو عشاء، و لنفترض انه غذاء و الذي يضم عادة (المقبلات، جاري، طاجين الشواء، رشته أو نعمة أو الرفيس و اللبن، شباح الصفرة أو طاجين العين، التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب) كل حسب رغبته، بالإضافة إلى القهوة و التي تضم القهوة و المشروبات و مختلف أنواع الحلويات و التي من بينها (المقرود، البقلاوة، الغريبية و...)، يتوافد الأقارب و الأحباب الذين تم دعوتهم مسبقا ليحضروا أنفسهم فرحين مباركين حاملين معهم الهدايا و أحلى الأماني و أعذب التهاني، فتجلس النساء مع النساء يزغردن و يصفقن و يغنين و يرقصن فرحا و سرورا مع أهل العريس، و الرجال مع الرجال متأنقين يتحدثون و يمرحون، و بعد الانتهاء من تجهيز ركب السيارات تتقدمهم سيارة العروسين المرصعة بالورود و الأزهار التي يركبها العريس، بينما يركب في السيارات الأخرى بضع نساء من أهله و أقاربه لابسات القطيفة و الحلي، فينطلقوا على بركة الله متجهين إلى بيت العروس من أجل إحضارها إلى بيتها الجديد، بعدما تكون قد ذهبت عند الحلاقة و حضرت نفسها و ارتدت ثوب الزفاف الأبيض، فيصلون إلى بيتها، فينزل العريس و من معه من النساء ليمكثوا هناك قليلا و يلتقطوا صورا تذكارية للعروسين تحت الزغاريد و البشائر و الأفراح ثم يخرجان و هي ممسكة به، و تحمل بنت من أهله و بنت من أهلها ذيل ثوب العروس و في يد كل منهما شمعا مضاء تحت الزغاريد و الأفراح، فيركب العروسان في السيارة المعدة لهما، كما يركب أبوها بجانب السائق، و يركب الأقارب و الأحباب جميعا من أهله و من أهلها في السيارات الأخرى، و يرجع الركب في فرح و سرور، فالسيارات بأضوائها الغمازة و أحلى رناتها و الأغاني تطرب من بداخلها و الكل يصفق و يغني فرحا مع العروسين إلى غاية وصولهم إلى بيت العريس، فينزل أهل العروس و أقرباؤها حاملين معهم صينية بقلاوة و يحضون باستقبال بهيج، كما ينزل العريس من السيارة و يفتح الباب جهة العروس لتنزل و تمسك به تحت دوي البارود و الزغاريد و الأفراح، و عند دخولهما تخرج أم العريس و قريباته لاستقبال العروسين بأحلى الأغاني و الأماني و رميا بأوراق الورد و الزينة، ثم يوصل العريس عروسه و خلفها البنتان و الشمعيان مضاءان إلى حيث تجلس النساء في مكان معد لهما بغرفة الاستقبال، حيث يتم التقاط الصور لهما، و يتلقيا أحلى الأماني و أعذب التهاني، بعد ذلك يتناول الجميع وليمة الغذاء، فان انتهوا عادوا إلى الرقص و الغناء و التصفيق و الزغاريد إلى أن يحين موعد القهوة، فيشربوا القهوة جميعا، بعد ذلك يجهز العروسان نفسيهما للذهاب في رحلة (شهر العسل)، حيث تدوم هذه الرحلة مدة أسبوع كامل، و بعد مغادرة العروسين يبدأ الجميع بالمغادرة بعد الرشق لام العريس (لمن لم يقدم هدية و لم يرشق في الحناء) بعد الدعاء بالخير و البركة.

11/ شهر العسل: تعتبر رحلة شهر العسل بمثابة فرصة لأخذ قسط من الراحة بعيدا عن أتعاب العرس، كما تعتبر فرصة للتعارف أكثر و التناغم و الإنسجام، حيث يذهب العروسان للإقامة بأحد الفنادق الفخمة في مدينة سياحية آمنة، فتكون فرصة لهما لزيارة المناطق السياحية و المناظر الجميلة و الأماكن الخلابة و التقاط صور تذكارية بها، كما تكون فرصة للذهاب إلى المطاعم الفاخرة و التسوق و شراء بعض الهدايا التذكارية للأهل و الأحباب، هذا دون أن ننسى ما أحله الله لهما في غرفة النوم و غيرها من الأجواء الرومانسية.

12/ السابع: قبل عودة العروسين من رحلتهما تقوم أم العريس بدعوة الأقارب المقربين و أهل العروس للحضور يوم عودتهما، كما تدعو أيضا من الأقارب المقربين من يحضر قبل عودة العروسين بيوم من أجل المساعدة في تحضير بعض الأطباق لتقديمها كوليمة غذاء للمدعوين، و هذه الأطباق محددة وفقا لعادات و تقاليد الأعراس القسنطينية و التي تضم (المقبلات، الغرايف، الشرشم، الجاري، الرفيس و اللبن، التحلية عصير و فاكهة موز أو تفاح أو عنب)، يدخل العروسان تحت الزغاريد و الأفراح، ليتلقيا أحلى تهاني و أماني الأقارب و الأحباب، ثم يرتاحا قليلا في غرفة الاستقبال، و يتناولوا جميعا وجبة الغذاء النساء مع النساء و الرجال مع الرجال، ثم يشربوا القهوة، ثم يغادر الضيوف، و عندئذ تصبح العروس فردا من أفراد عائلة زوجها، و كل يوم تطلع عليهم بواحد من فساتينها السبع التي اشترتها ضمن شورتها، بحيث تختلف هذه الفساتين عن بعضها لونا و تطريزا (أبيض، وردي، تبني، فضي، فريكي، طرطري، بطاطي أو ...) و ذلك مدة سبع أيام وفقا لما تقتضيه عادات و تقاليد الأعراس القسنطينية.

13/ العيدين:
ا/ عيد الفطر : يأتي أهل الزوجة في اليوم الثاني من أول عيد فطر مبارك يمر على ابنتهم في بيت الزوجية بعد الغذاء حاملين إليها أصنافا من الحلويات و الهدايا إكراما لها، و تضم الهدايا عرفا ، فستان، فستان داخلي، حقيبة، حذاء، عطر، صابون، فيشربوا القهوة و يتجاذبوا أطراف الحديث ثم يغادروا.

ب/ عيد الأضحى : و كذلك الحال بالنسبة لعيد الأضحى المبارك، غير أنه بدلا من الحلويات يأخذ أهل الزوجة فخذا من الخروف الذي ضحوا به، كما أنه قبل شرب القهوة يتناولوا الشواء في وجبة الغداء، و بعد شرب القهوة و تجاذب أطراف الحديث يغادروا.

14/ الاستضافة: يقوم الأقارب من أهل العروسين العمة، الخالة، زوجة العم، زوجة الخال، بإعداد وليمة غذاء أو عشاء و استضافة العروسين بصفتهما زوجا جديدا (بحضور أهل العريس) إكراما لهما، كما تعتبر فرصة لتعارف الزوج بأقارب زوجته و تعارف الزوجة بأقارب زوجها من أجل تقوية الروابط الأسرية، و بعد التعارف و تناول الغذاء أو العشاء و تجاذب أطراف الحديث و عند مغادرة الضيفين يقدم لهما المستضيفون هدايا فخرية كالعطر و الصابون و ...

ملاحظات هامة:

1/ لقد تحدثنا عن العرس في حالة ما إذا فضل العروسان الذهاب في رحلة (شهر العسل)، أما إذا فضلا البقاء فالأفضل تحضير وليمة عشاء بدلا من وليمة الغذاء من أجل السهرة، مع العلم أن بعض الأطباق تختلف من الغذاء إلى العشاء و خاصة منها ما يثقل المعدة مثل الرفيس و اللبن، و في هذه الحالة فإن مراسيم العرس تتغير قليلا و لكن بدءا من حناء العريس فقط، حيث أنه في حالة عدم الذهاب في رحلة فإن العريس لا يحني إلا بعد حضور العروس، حيث يتم إحضارها وفقا للمراسيم السابقة و يستقبلونها كما تقدم، ثم يشربوا القهوة و بعد مختلف مظاهر الفرح و السرور يحين موعد العشاء، فيتناول الجميع وليمة العشاء و في السهرة ينادى على العريس للحناء، فيحني كما أشرنا سابقا، ثم يخرج مع أصحابه و أقاربه في ركب السيارات يتجولون فرحين في مختلف أرجاء مدينة قسنطينة، بينما السهرة مستمرة في بيته على وقع الغناء القسنطيني و الرقص و التصفيق و الزغاريد، في حين تذهب العروس بثوب الزفاف الأبيض رفقة أمها إلى غرفة النوم ، و لدى عودة العريس إلى البيت يسهر معهم في ذلك الجو البهيج و من ثم يذهب إلى غرفة النوم، فيدخل العريس على بركة الله و يغلق الباب، ثم يجلس بالقرب من عروسه و يرفع عن وجهها وشاح ثوب الزفاف، ثم يقوما بما أحله الله لهما، بينما تبقى السهرة مستمرة حتى ساعة متأخرة من الليل، و في الصباح يستيقظ الأهل و الأقارب و الأحباب فيغسلوا و يتناولوا الفطور ثم يغادر الضيوف، و تصبح العروس فردا من أفراد العائلة كما سلف الذكر و تطلع كل يوم بواحد من فساتينها السبع، و بعد ذلك يقام السابع كما أشرت سابقا ثم العيدين ثم الاستضافة.

2/ عادات و تقاليد الأعراس القسنطينية هي عبارة عن عرف مرن يمكن مخالفته حسب ظروف و إمكانيات القسنطينيين، فمنهم من يفضل خطبة بسيطة فيذهب هو و والداه فقط، و منهم من يفضل إجراء الفاتحة في البيت، و منهم من يفضل إجراءها قبل العقود، و منهم من يفضل عدم أخذ العيدين بالإتفاق مع أهل الخطيبة، و منهم من يفضل أخذ العيدين في اليوم الثالث، و منهم من يفضل عدم تكليف الخطيبة و أهلها عناء التسوق فلا يكترث بالشورة، و منهم من يفضل الإستغناء عن الجرية كونها مكلفة بالإضافة إلى الحناء و العرس، و منهم من يفضل عدم الذهاب في رحلة شهر العسل، و منهم من يفضل تقديم وليمة غذاء بدلا من وليمة عشاء، و منهم من يستغني عن السابع، و هكذا، المهم أن يكون هناك اتفاق و تراض بين الطرفين.

و في الختام أرجو أن أكون قد وفقت في إعطاء فكرة واضحة عن مراسيم الأعراس القسنطينية، راجيا من الله تعالى أن يرزق المؤمنين بالزوجات الصالحات، و يرزق المؤمنات بالأزواج الصالحين، و يغنينا بحلاله عن حرامه و يغنينا بفضله عمن سواه و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين.