خليفة رسول الله أبو بكر الصديق
كان أبو بكر الصديق
أول الخلفاء الراشدين وثاني اثنين إذ هما في الغار، وكان يسمى عبد الله بن أبى قحافة، ويسمى أيضاَ "عتيق"، لأن
رسول الله
بشره من العتق من النار. كما كان يسمى قبيل الإسلام "بعبد الكعبة"، وسمى بعبد الله بعد ظهور نور الله. أما اللقب
الشهير"الصديق" فلأنه صدق وحى السماء إلى رسول لله
في قصة الإسراء والمعراج. وأبو بكر يصغر رسول الله
بسنتين وعدة أشهر وكان يعمل بالتجارة وكان غنيا يملك المال الكثير وهو صاحب مروءة وإحسان وتفضيل، وهو رجل من احد عشر رجالاَ من قريش كان لهم شرف وفضل وسيادة، واشتهر عنه التواضع والشجاعة.
إسلامه رضي الله عنه
وفي طفولته ذهب به والده في أحد الأيام لزيارة الأصنام التي كانوا يعبدونها، وتركه بعد أن أوصاه أن يقوم برعايتها والصلاة لها، فقال أبو بكر لواحد من الأصنام: إني جائع فأطعمني فاصنع فلم يجبه الصنم بالطلب، فقال ساخراَ: أريدك أن تكسوني ، ولم يجبه ، فأخذ صخرة وألقاها على الصنم فوقع على وجهه .
وأبو بكر أول من أسلم من الرجال، وأسلم على يديه عثمان بن عفان
، وعبد الرحمن بن عوف
، وسعد بن أبى وقاص
وطلحة بن عبيد الله
قريش تؤذى أبا بكر
وحين دخل رسول الله
دار الأرقم بن أبي الأرقم يستخفي فيها من قريش ويؤدى بها شعائر دينه هو والمسلمون الأوائل, وقف أبو بكر يدعو لدين الله, فقام الكفار إلى أبى بكر يضربونه حتى سقط مغشياَ عليه, فداسوه بأقدامهم ولم يستطع أحد أن يستنقذه منهم إلا بنو تيم بن مرة عشيرة
أبي بكر, وحملوه إلى الدار فلما أفاق رفض أن يتناول الطعام حتى يطمئن على رسول الله
وطلب من أمه أن تذهب إلى فاطمة بنت
الخطاب (شقيقة عمر بن الخطاب
) لتسألها عن رسول الله
وكانت فاطمة قد أسلمت هي و زوجها سعيد بن زيد, فجاءته فاطمة
وخرج معهما, ولما اطمأن على رسول الله
, طلب منه أن يدعو لأمه أن تسلم, فدعا لها رسول الله
فأسلمت
جوار ابن الدغنة
أذن رسول الله
للمسلمين بالهجرة إلى الحبشة ودخل أبو بكر في جوار ابن الدغنة من أذى المشركين، ثم طلبت قريش من مجيره أن تكون عبادة أبى بكر داخل بيته، وعاد إلى بيته فبني بها مسجداَ، وراح يقرأ القرآن، فخشيت قريش أن يفتن الناس بالإسلام، فطلبوا من مجيره أن يأخذ منه الجوار أو أن يجعله يكف عن قراءة القرآن بصوت مسموع. فقال له أبو بكر: "إنني أرد عليك جوارك وأدخل في جوار الله.
إنفاق المال في عتق العبيد يقول تعالى: (وسيجنبها الأتقى (17) الذي يؤتى ماله يتزكى) قبيل هجرت أبو بكر أعتق سبعة كانوا يعذبون لإسلامهم وكان يمتلك أربعين ألف درهم أنفقها، ولم يبق معه وقت هجرته إلا خمسة آلاف فقط. هجرته و الرسول يقول تعالى: ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ). ها هو أبو بكر يخرج مع رسول الله مهاجراَ معه وسارا معاَ حتى وصلا إلى جبل ثور جنوب غرب مكة. وكانت أسماء بنت أبى بكر تأتيهما بالطعام في الغار، وظل رسول اللهوأبو بكر في الغار لمدة ثلاثة أيام ولأبي بكر أثناء دخولهما الغار موقف جليل حيث إنه قال لرسول الله :
انتظر حتى أدخل فأنظر, حتى لا يكون هناك شيء يؤذى النبي,
بل وقام بسد الثغور بثوبه وبجسده. وقد أخد ما بقى معه من مال وهو خمسة آلاف درهم, وتقول أسماء بنت أبى بكر: إن والد أبيها - وكان كفيفا - قد استاء من هجرة ابنه مع رسول الله لأنه كان مشركاَ فقامت بوضع الحجارة في كيس النقود وقالت لجدها: ها هو المال قد تركه أبى لنا الغزوات وفي المدينة كانت الغزوات وكان أبو بكر لا يترك رسول الله وقاتل معه في غزوة بدر, وثبت معه يوم أحد ويوم حنين حين فر الناس.
روى أن علي بن أبي طالب قال حين سأله الناس: من أشجع الناس؟ فقال لهم: إنه أبو بكر, لقد كان يوم بدر حين صنعنا للرسول عريشاَ فوقف
شاهراَ سيفه على رأس رسول الله يدافع عنه ولا يهوى أحد إليه إلا هوى إليه بسيفه وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلاَ أن يقول ربى الله. ومن الآيات البينات التي نزلت في أبى بكر(فأما من أعطى واتقى) حيث كان يعتق العجائز والنساء إذا أسلمن. ونزلت فيه أيضاَ (ولمن خاف مقام ربه جنتان)
وزوج أبو بكر ابنته السيدة عائشة للرسول ، وظل أبو بكر طيلة صحبته لرسول الله على نهجه القويم نبراساَ للحق، حتى مرض رسول الله
واشتد عليه المرض فطلب إلى أبى بكر أن يخرج ليصلى بالناس، ولحق رسول الله بالرفيق الأعلى ولما علم أبى بكر بوفاة النبي r دخل عليه وكشف وجهه وقبله وبكى، وخرج إلى المسجد فوجد عمر ينهر الناس الذين يقولون إن رسول الله قد مات، فقام أبو بكر إلى الناس وقال لهم: "أيها الناس إن من كان يعبد محمداَ إن محمدا َ قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.
المبايعة لأبى بكر بالخلافة
ثم وقف وهو يغالب دمعه يقول للناس: "هذا عمر وهذا أبو عبيدة، فأيهما شاتم فبايعوه". فقال عمر وأبو عبيدة: "لا والله، لا يتولى هذا الأمر غيرك فأنت أفضل المهاجرين وثاني اثنين إذ هما في الغار ابسط يدك نبايعك.
حرب الردة
ومنع بعض الناس الزكاة وبدأ من كان إيمانه ضعيفا يرتد عن دينه، وقد ثبت على الإيمان أهل المدينة ومكة والطائف ومهاجرة العرب وبعض المسلمين في بعض الأطراف، فأرسل أبو بكر الجيش بقيادة أسامة بن زيد وخرج يودى الجيش، ومن تواضعه أنه كان يسير بأسامة بن زيد في سرية كان رسول الله
أمره عليها قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وكان أسامة يركب على فرسه
وقال أبو بكر مقولته الشهيرة التي هي دستور المسلمين في الحروب: " لا تخونوا ولا تغدروا ، ولا تمثلوا بالقتلى ، ولا تقتلوا طفلا، ولا شيخا كبيراَ ولا امرأة، لا تعقروا نخلة ولا تحرقوها، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا للأكل، وإذا مررتم بالذين يتعبدون في صوامعهم فاتركوهم لشانهم، وعلى هذا فسيروا على بركة الله"
الفتوح في عهد أبى بكر
فتح أبو بكر الصديق رضي الله عنه
اليمامة وقتل مسيلمة الكذاب وأيضاَ الأسود العنسي الكذاب بصنعاء في اليمن, وبث الجيوش إلى الشام والعراق.
لقد كان مسيلمة الكذاب هو الذي ادعى النبوة و أيضاَ الأسود العنسي ادعى ذلك. وكان لأبى بكر فضل محاربة أهل الردة, وقال قولته المشهورة: والله لو منعوني عناقاَ (ولد العنز الصغير) كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم على منعها
ولأبي بكر الصديق رضي الله عنه مواقف عظيمة منها أنه كان يقوم برعاية امرأة كفيفة البصر
الدروس المستفادة من قصة الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه
الصدق, سبيل الخير ودليل البر, وصيانة العهد, الوفاء, الإنفاق في سبيل الخير, خشية الله والعمل ليوم الحساب. التعاطف والتواد للإخوان, والتواضع, والشجاعة, والتأسي بالحلم والصبر والرحمة والرأفة...................
رضي الله عن أبى بكر الصديق وعن صحابة رسول الله وعن التابعين